تعلم ولا تقف بسبب ضياع حلم (قصة)
فتاةً لم تاخذ الا العلم طريقها، وتستمد في كل خطوة تخطوها في ذلك الطريق القوة والاصرار من ربها، فهي تعلم بان اسمى غاياتها ان تصبح طبيبة اسنان ماهره.
منذ نعومه اظافرها وهي تتابع كل معلومة وكل فكرة صغيرها وكبيرها، لا تريد ان تفلت من قبضتها ذرة من ذلك، فالعلم اضحى ملتصقاً بشخصيتها، تسال عن كل مجهول تقف عنده، فتجد جوابا شافيا لذالك تارة ولا تجده تارة أخرى، لكنها لا تعرف الاستسلام، فان لم تجبها احدى مدرساتها تهرع للكتب ومصادر المعرفه باحثة عن جواب يسد ضمأها ذاك، ذلك الضمأ الذي لن يروى الا بالمعلومه الدقيقة، وتستمر على هذا النهج فعلى مدار اثنا عشر عام من الجد والاجتهاد للوصول الى المبتغى تقف على الباب الفاصل بين الحلم والواقع.
بدأ الجد اكثر والعمل اكثر واكثر، تجهيزات مختلفه لتلك المرحلة، وضعت الخطه ورسمت الطريق، بدأ العمل ومرت اشهر وهي على هذه الحال من الجد والاجتهاد كما اعتادت على ذلك منذ الصغر، تبذل الجهد مضاعفا لتحقيق الهدف وتستمر في ذلك رغبة في النجاح والوصول.
لكنها أصيبت بمرض افقدها القدره على الاستمرار لعدة اشهر وتأخرت كثيرا عن برنامج الخطة، بدأ الحزن يقيم عندها وضعفت همتها بعد ان وجدت نفسها متأخره جدا.
جوليا: يا الهي، لقد تاخرت كثيرا، ما الحل؟
صوت يقول لها: “يمكنك فعلها والاستمرار” وصوت اخر يقول لها: “تراجعي لن تصلي”، بدت ضائعه اكثر واكثر فهي لا تعلم لمن تستمع، وتستمر الايام بالمضي سريعا وهي تزال لا تعلم لمن تصغي، وبين شد الافكار السلبيه لدماغها والافكار الايجابيه من الناحيه الاخرى، بقيت تعمل وتنجز مرة وتستسلم مرة اخرى للدمار الذي احاط بها من كل جانب وياتي اليوم الموعود للحصول على علاماتها ودرجاتها بعد كل هذا الذي جرى لها لتحصل على المعدل.
جوليا: لن يدخلني هذا المعدل التخصص الذي احلم به، لقد دمرت حياتي بأكملها، لم يبقى شئ.
اصيبت جوليا بحاله اكتئاب شديده وأصبحت لا تريدُ اكمال حياتها الاكاديميه، توقف كل شي، لم تعد تكترث لشي.
في احد الايام، كانت تسير في الطريق وحيده حيث اصابها الياس من كل جانب، انتبهت لسقوط رسالة من فتاهً كانت تسير امامها، كان كل ما يجول في خاطرها وقتها هو ان تهرول مسرعةً للحاق بصاحبة الرسالة.
جوليا: مرحبا
هي: اهلا
جوليا: لقد سقطت منكِ رساله وها هي سيدتي.
هي: شكرا جزيلا لكِ
جوليا: انا جوليا وانت؟
هي: انا صوفيا
جوليا: اهلا صوفيا تشرفت بمعرفتك
صوفيا: وانا اكثر
جوليا: انكِ تحملين مواد دراسية كثيرة، اتعجب ما تخصصكِ؟.
صوفيا : انني أستاذة في علم الكيمياء وانا الان اعمل على مواد دراسية تخص هذا العلم، وانت ماذا تدرسين؟
جوليا : لقد انهيت الثانوية بمعدل لا يسمح لي بدخول طب الاسنان الذي راودني منذ نعومه اظافري ولا اعلم ماذا سافعل الآن، لقد يئست من كل هذا ولا ادري ماذا سأدرس، افكر بعدم الالتحاق بالجامعة.
صوفيا: لماذا؟ وكيف؟ ولماذا انت يائسة؟، اخبريني بما جرى لكِ منذ ان كنت طفلة الى الان .
بدأت جوليا تخبر الأستاذة بما حدث لها وكيف انها كانت مجتهده، واكملت الطريق معها حتى وصلت لباب بيتها ، فعرضت عليها الدخول ، فقبلت جوليا ذلك وحالما دخلت اصيبت بدهشة.
جوليا : يالهي، لم ارى مثل هذا المنزل من قبل .
لم ترى جوليا مثيلاً لمنزل الأستاذة، فكل شي بالمنزل يخص الكيمياء، لوحه العناصر الدورية، وعلى الجانب لوحات لمركبات عضويه، واكواب رسم عليها اشكال مركبات مختلفة، اصيبت باندهاش اكثر عندما رأت لوحأً خشبياً اسود اللون يغطي الجدران الاربعة للغرفة حيث تعمل الاستاذة وتكتب الالاف من معادلات المركبات الكيميائيه لتخرج بشي جديد للعلم، واندهشت عندما رأت حب الاستاذة لهذا المجال من العلوم وسعيها الدائم للوصول لافضل المواد التدريسية.
بعد ان استمعت الاستاذة لجوليا، بدأت تقنعها بحب الكيمياء فمن خلالها يمكنها ان ترى حياه اجمل واكثر ابداع وتميز، وروت لها قصتها حيث كانت منذ نعومه اظافرها تعشق الجراحة وتحبها الا ان القدر كتب لها هذا التخصص .
اقتنعت جوليا بحديث الاستاذة ودخلت تخصص الكيمياء في احدى الجامعات المرموقة واصبحت صديقة لصوفيا حيث تزورها من حين لاخر للعمل ضمن هذا التخصص.