أديسون (6)
كان لأديسون اهتماما بمجال بقي خافيا رغم أنه قدم فيه ابتكارات طريفة ونوعية ومهدت الطريق لمن جاء بعده،
ينسب إليه الأمريكان اختراع فن السينما، معجزة القرن العشرين، والحقيقة أن أديسون كان واحدا من بين الذين ساهموا في اختراع الصور المتحركة، وكان سر اهتمامه مع مساعده الإنكليزي ديكسون Dikson بالحركة والصورة المتحركة، ومنذ عام 1887 اعتبر اختراعه هذا إضافة جديدة لاختراعه القديم: الحاكي، ولكن الألواح الزجاجية المستخدمة في التصوير في ذلك الحين لم تساعدهما على التقاط صور سريعة ناجحة، وفي عام 1889 تمكن “جورج ايستمان” من اختراع الفلم المرن، وعندئذ تحققت المعجزة، وفي 24 أغسطس 1891 قدم أديسون اختراعه الجديد الذي أطلق عليه اسم ” كنتو سكوب”، والمتمثل في آلة عرض أفلام لا تسمح بالمشاهدة إلا لفرد واحد من خلال فتحة صغيرة.
في عام 1893 أنشأ أديسون أول ستوديو في أمريكا أطلق عليه اسم ” ماريا السوداء” ولكن معظم أفلام هذا المخترع الكبير صورت في الهواء الطلق خارج هذا الأستوديو الذي لم يكن أكثر من معمل لتحميض الأفلام، حاول أديسون أكثر من مرة إضافة الصوت إلى الفيلم، وذلك بتشغيل الحاكي مع آلة العرض، لكن هذه المحاولات الأولية لم تحقق النجاح المنشود، واكتفى بافتتاح عدة محلات لعرض اختراعه المعروف “الكينتوسكوب” .
لماذا أطلق أديسون اسم ماريا السوداء على الأستوديو السينمائي؟ إن الأستوديو الذي بناه أديسون كان يشبه عربة نقل السجناء السوداء المسماة Black Maria وكان الأستديو ماريا السوداء عبارة عن غرفة صغيرة بناها في نيوجيرسي وطلاها باللون الأسود من الداخل والخارج وسقفها من الزجاج ووضع الغرفة الصغيرة بكاملها فوق قاعدة متحركة بحيث يستطيع تحريكها باتجاه الشمس، فقد كانت الشمس في ذلك الوقت المصدر الوحيد للضوء عند تصوير الأفلام، أما جهاز الكينتوسكوب Kinetoscope الذي اخترعه أديسون عام 1891 فهو عبارة عن آلة عرض، تعرض صورا متحركة، مسجلة على شريط من السليولويد مثقوب من جانبه، ويبلغ طوله خمسين قدما، وهذه الآلة هي أول مراحل التطور التجاري الناجح لصناعة السينما.
كان لا يتمكن من المشاهدة سوى شخص واحد من خلال فتحة ينظر منها، والفيلم العادي الذي يستخدم الآن يكاد يطابق في أبعاده الفيلم الذي وضع تصميمه أديسون لاستخدامه في جهاز الكينتوسكوب، فهل يمكن اعتبار توماس أديسون مخترعا أولا للسينما؟ فيما الفرنسيون وغالبية سينمائيي العالم يعزون اختراع السينما للأخوين لومير، فمن هو المخترع الحقيقي للسينما؟ وما هو دور الأخوين لومير في فرنسا في هذا الاختراع؟ إن لويس لومير مع أخيه أوجست لومير قد قفزا قفزة نوعية في هذا الاختراع، فإذا كان أديسون قد حرك الصورة ليشاهدها شخص واحد من فتحة صغيرة كما عرفنا من قبل في عالمنا العربي ما كان يطلق عليه (صندوق الدنيا) حيث كنا نشاهد صورا فوتوغرافية مكبرة تسير أمام أعيننا يحركها صاحب الصندوق.
إن جهاز الكنتوسكوب يحتوي على شريط طوله خمسين قدما ويعرض صورا متحركة، أما الأخوان لومير فقد أتاحا للجمهور مشاهدة الافلام على شاشة وفي دار عرض محددة تشبه تقريبا ما نراه اليوم، فصورا مجموعة من الأفلام منها (الخروج من مصانع لومير) كأول شريط أنتج وعرض على الشاشة وتبعه بعد ذلك (الخروج من الميناء) ثم شريط (وصول القطار) وشريط (وجبة خفيفة لطفل صغير) و(طعام القط) و(الحياة على الشاطئ ) و(البستاني المبتل). وكان لويس لومير الذي ولد عام 1864 قد بدأ حياته مصورا مع أخيه أوجست وعاشا عاشا حياة التصوير والسينما لأن والدهما متخصص في الكيمياء الفوتوغرافية والتحميض في مدينة ليون الفرنسية، أما توماس أديسون فلم يحصل من العلم سوى القليل وكانت حياته عملية أكثر منها دراسية، لقد توج القرن التاسع عشر نهاياته بأمجاد إنسانية كبيرة كان لتوماس أديسون دوره الكبير فيها، الكهرباء والبخار والبواخر والسكك الحديدية والتلغراف والهاتف ولم يتعب الأمريكان من الهتاف للإعجاز الذي قدمه للبشرية وأطلق عليه إسم القديس الأعلى.
***********************
كل مواضيع العالم أديسون
موضع جدااا جميل وأعجبت به